موسكو: لا موقف سلبي من حياد بكركي... ولكن!

موسكو: لا موقف سلبي من حياد بكركي... ولكن!
موسكو: لا موقف سلبي من حياد بكركي... ولكن!
يعّول زوار الصرح البطريركي على اصرار البطريرك الماروني بشارة الراعي على طرح نهج حياد لبنان، خاصة وأن رأس الكنيسة المارونية انطلق من مبادرته من ابعاد ثلاثة متكاملة تتصل أولا بعدم دخول لبنان في أحلاف ومحاور وصراعات سياسية وحروب إقليمية ودولية؛ ثانياً تعاطف لبنان مع القضايا العربية التي تجمع عليها دولها والأمم المتحدة؛ وثالثا تعزيز الدولة لتكون دولة قوية بمؤسساتها وقانونها وعدالتها تدافع عن نفسها بوجه أي اعتداء، اكان من إسرائيل أو من أي دولة سواها، ولتكون دولة قوية.

ومع ذلك، فإن طريق حياد بكركي لا تزال دونها عقبات. فالقوى المحلية التي سارعت الى  الترويج لنداء الراعي لغاية في نفس يعقوب، لا تعول ملياً على أن يبصر الطرح النور، فهي تدرك جيداً أنه فيما لو طرح في البرلمان سيسقط لأن الاكثرية في يد "حزب الله" وحلفائه؛ أما الحكومة فلا تعير هذا الموضوع أي اهتمام يذكر، ورئاسة الجمهورية ترفد الحياد بأفكار ليست محل ترحيب.

ماذا عن الحراك الدبلوماسي حيال نداء الراعي؟


تجهد قوى بارزة على خط 14 آذار لتفعيل تبني الدول الصديقة للبنان "الحياد" ودعمه في المحافل الدولية، خاصة مجلس الأمن الدولي، لا سيما بعدما أعلن الراعي"التوجه إلى منظمة الأمم المتحدة للعمل على إعادة تثبيت استقلال لبنان ووحدته وتطبيق القرارات الدولية، وإعلان حياده"، مستندا، بحسب مصادر مطلعة لـ"لبنان24"، على دور الفاتيكان وفرنسا التي أعلن وزير خارجيتها جان ايف لودريان من بكركي أن لا سيادة من دون حياد ، فضلا عن الولايات المتحدة، علماً أن الادارة الأميركية تستغل هذا النداء وفق أهدافها المرسومة ضد "حزب الله"، خاصة وأنها تشترط مساعدة لبنان بإبعاد "حزب الله" عن الحكومة وتقليص نفوذه في الحكم.

لكن أين روسيا من مشروع الحياد؟

لم يصدر اي موقف روسي رسمي حيال نداء بكركي، ومرد ذلك ضرورة الإحاطة بالعمق الاستراتيجي لهذا المفهوم في ما يخص سيادة لبنان ومصلحته ليبنى على الشيء مقتضاه، تقول مصادر روسية لـ"لبنان24"، وتشير الى أن لبنان انتهج ما عرف بـ"الحياد الايجابي" في الستينيات، لكن يفترض بالمعنيين رسم خريطة دقيقة في الوقت الراهن، لا سيما أن الظروف الراهنة تختلف عن ظروف الخميسنيات والستينيات؛ ولذلك فإن هذا المصطلح يجب أن يقترن بمبادئ محددة وواضحة تخدم لبنان، لا سيما وأن طرح بكركي قد يستغل لأهداف قوى خارجية على رأسها واشنطن التي تواصل الضغط على لبنان في المجالين المالي والمصرفي فضلا عن المساعدات الأجنبية، الأمر الذي من شأنه أن يخلق خلافات محلية وتباينات، بدل أن يكون محل نقاش وحوار لأن لكل مكون من المكونات اللبنانية رؤيته من الحياد التي تنبع من خلفية سياسية محلية واقليمية.

لا شك في أن روسيا أيدت إعلان بعبدا لأنه هدف للحفاظ على الاستقرار الداخلي في لبنان وايجاد الحلول للقضايا من طريق الحوار الوطني وتجنب الفتنة الطائفية وسياسة النأي بالنفس عن صراعات المنطقة، ولذلك فهي، بحسب المصادر، لا تقف ضد اقتراح الديمان وموقفها ليس سلبيا منه، لكنها في الوقت عينه، تسأل هل يصح الحياد على سبيل المثال ضد الارهاب، فالجهود المشتركة في سوريا هي التي حققت الانتصار على المجموعات الارهابية ومنعتها من التمدد نحو لبنان، وبالتالي فإن موسكو غير معنية بمصطلحات الآخرين حيال ما يسمى بالحياد الايجابي أو السلبي، فمنطلقات تقييمها  تحمل عنوان سيادة لبنان واستقراره.

وبانتظار الزيارة المرتقبة للسفير الروسي الكسندر زاسيبكين الى بكركي للقاء الراعي، فإن موسكو ستحدد موقفها من الحياد في مجلس الامن في حال وصل هذا الطرح الى هذا المحفل الدولي، مع تأكيد المصادر نفسها ان الموضوع لا يزال افتراضيا، لأن لبنان الرسمي( رئاسة الجمهورية – مجلس النواب – الحكومة)  هو من يجب ان يتقدم بهذا الاعلان وليس الكنيسة، ليبقى الحوارالوطني الموسع الذي يضم الاحزاب التقليدية وغير التقليدية والمجتمع المدني، بالنسبة للمسؤولين الروس، هو الاساس لتسوية الوضع في لبنان. 
 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

التالى "الوادي الأخضر": من ذروة المجد إلى شفا الانهيار؟