أخبار عاجلة
نجم سوري يستعيد ذكريات طفولته في اللاذقية (فيديو) -
البيطار إلى بلغاريا.. كشف خيوط تفجير المرفأ أولوية -
هكذا يتجسّس “الحزب” علينا -
لبلبة من مهرجان البحر الأحمر: الفن حياتي وليس مرحلة -
رجّي يُحبط “مناورة طهران” -
تطمينات أميركية للبنان وليس ضمانات -

“الحزب” ينظم مظاهرات تأييد لأحمد الشرع

“الحزب” ينظم مظاهرات تأييد لأحمد الشرع
“الحزب” ينظم مظاهرات تأييد لأحمد الشرع

كتب سامر زريق في “نداء الوطن”:

تندرج محاولة التدثر بالمظاهرات والاحتفالات السنية العارمة في ذكرى تحرير سوريا من نظام الأسد لخلق جدل هوياتي، ضمن سياق يرمي لافتعال “هوجة” تهيمن على الفضاء العام، تبتغي وضع السنة في المهداف والطعن بوطنيتهم، بما يطغى على مسألة الدولة، ويسهم في حرف الأنظار عن “حزب اللّه” وسلاحه فيما هو المدير الأصيل لها.

لذا جرى ربط تلك الاحتفاليات، وبلا مبرّر، بتصريحات توم برّاك وإحيائها جدلية “الانفصال والاتصال” بين سوريا ولبنان، مظلّلة بأفكار ونظريات عجائبية، أبرزها الآراء النيّرة لـ “داهية الزمان”، و “جمال باشا” المحكمة العسكرية، بوصمه ما يحصل بنتاج “مؤامرات” السفارات. زد عليها التصادف “غير البريء” لمحاولة إحراق شجرة الميلاد في طرابلس، والذي صار طقسًا سنويًا ممجوجًا يرقبه المسلمون بسخرية.

في الواقع، فإن الجذر المحرّك لكلّ التظاهرات هو طابع الثأر بمفعول رجعيّ من “حزب اللّه” وإرثه وأفاعيله بحق السنة، بعدما مارس إزاءهم، طيلة سنوات هيمنته، سياسات عزل وإقصاء على مستوى النخب والجمهور، أوصلت إلى ما تعانيه ساحتهم راهنًا من فراغ قاتل. وبالتالي يمكن القول إن إرث “حزب اللّه” كان الناظم الفعليّ لتلك الحالة الاحتفالية بأحمد الشرع بكلّ أشكالها ومواقعها.

فإذا كان نظام حافظ الأسد الفاعل الأصلي في تدبير وتنفيذ اغتيال حسن خالد، وصبحي الصالح، ومحمد عساف، ومحمد شقير، فإنه شريك مُختلف على دوره في اغتيالات قاسية فاعلها الأساسي “حزب اللّه”، بدأت برفيق الحريري، ومرّت بوسام عيد ووليد عيدو ووسام الحسن، وانتهت بالعقل اللامع محمد شطح الذي تحلّ ذكراه بعد أيام.

اغتيالات جعلت السنة يعيشون حالة تصحّر على صعيد قيم التمثيل السياسي الجديّ، زادها وطأة نجاح “الحزب” بتدجين “الحريرية” كخاتم في إصبعه بإرادتها أو رغمًا عنها. حتى مظاهرة “14 آذار” التاريخية، كانت مظاهرة “شكرًا سوريا الأسد” في “8 آذار” المحفز لإقبال السنة والمسيحيين وغيرهم عليها للمشاركة وإثبات الوجود.

ناهيكم بما طال المجتمعات والحواضر السنية في طرابلس وبيروت وصيدا وعرسال من عزل حقيقيّ أين منه العزل الذي يشتكي منه الرئيس برّي، حيث سُلّط عليهم سيف الإرهاب، وفتحت السجون على مصاريعها لتصير لشبابهم موئلًا، ولا سيّما أولئك المنتمين لطبقات مسحوقة. وهذا الجرح لا يزال ينزف قهرًا حتى اليوم.

ترى ما هي ردّة الفعل المتوقعة من السنة إزاء ما سبق؟ هل هي طأطأة الرأس والتلحّف بقول “عفا اللّه عما سلف” وكأن شيئًا لم يكن؟

كلّ الاحتفالات التي حصلت دافعها عاطفي ثأري وإن داخلها بعد هوياتي شابه الافتعال. فالرئيس السوري أحمد الشرع وحكمه موقفهما واضح وثابت بعدم التدخل في شؤون لبنان، والبحث عن صياغة علاقات ندية من دولة لدولة. ومصداق ذلك عدم تقاطر النخب السنية لزيارته، واقتصار اللقاءات على الطابع الرسمي والمؤسّساتي، بما يعبّر عن قرار مشترك مرعيّ عربيًا ومدعوم دوليًا. أما شجرة الميلاد فيمكن رؤيتها مع الزينة الميلادية في غالبية مطاعم طرابلس بالذات، بما يتجاوز الطابع الفولكلوري ويمثل ثقافة تقليدية راسخة.

وفي هذا الصدد، ثمّة بصمة عونية في موجة التحريض المذهبي والعنصري التي انفجرت تحت تأثير مرارات الخروج من “نعيم” السلطة، المترافق مع انهيار “حزب اللّه” وخلع الأسد “الحليف”، حيث أعاد بعض غلاة المتطرفين البرتقاليين استحضار الاختراع العوني الأصيل ببركة “الحزب”، والمتمثل بجعل ذكر السنة صنوًا لـ “داعش”، فيما نخبهم “داعش بكرافات”، ومنهم كان رئيس الحكومة وقتذاك تمام سلام المعروف وعائلته بوطنيتهما.

بيد أن ذلك لا يلغي أن العاطفة السنية الجيّاشة تبدو كموج هادر يفتقر إلى سياق سياسي. فمع أن العلم الذي رفع في الشوارع والساحات يرمز للثورة، إلّا أنه سبق رفع العلم التركي وغيره في معرض البحث عن “انتصار” في زمن الإحباط السني. يمكن مقارنة الاحتفالات بتحرير سوريا بتلك التي تتلو انتصارات “النادي الرياضي”، والتي تجاوزت إطار المناكفات السلوية الكلاسيكية، للوقوف على تشابهها بما يدلّ على مدى احتياج هذه العاطفة إلى قضية تحتضنها.

لا قضية اليوم أهمّ من الدولة، وإذا كان أحمد الشرع بكلّ ما يحمله من إرث جهادي يقول “سوريا أولًا”، فإن السنة معنيّون اليوم أكثر ممّا مضى بالارتصاف خلف “لبنان أولًا” في بلد سمته الراسخة التنوّع. لكن ثمّة فجوة بين هذا العنوان وتلك العاطفة وهنا مكمن الخطورة. في زمن الصعود السني في المنطقة، فإن هذه العاطفة الجمعية حينما لا تجد مشروعًا سياسيًا جديًا يشكّل جسرًا تعبره نحو الدولة يخاف أن تنزلق نحو فِخاخٍ واستثمارات خبيثة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق لجنة المال تستكمل دراسة موازنة 2026
التالى رسالة إلى الحَبر الأعظم بلغة الحِبر الأعظم!