أخبار عاجلة

لبنان ينهي الـ2025 بين بسط سلطة الدولة أو خطر المواجهة

لبنان ينهي الـ2025 بين بسط سلطة الدولة أو خطر المواجهة
لبنان ينهي الـ2025 بين بسط سلطة الدولة أو خطر المواجهة

كتب سعد الياس في “القدس العربي”:

ينهي لبنان قريباً عامًا سياسيًا وأمنيًا معقدًا، تَصدّر فيه ملف حصرية السلاح بيد الدولة واجهة النقاش الداخلي، وسط ضغوط دولية متزايدة ومساعٍ رسمية لمعالجة الملف من دون تفجير الساحة الداخلية في ظل تمسك «حزب الله» بموقفه الرافض لأي نقاش في سلاحه.

وشهدت الأيام الأخيرة تطوراً لافتاً على صعيد لجوء رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون إلى لغة التفاوض بدل لغة الحرب وإشراك ممثل مدني على مستوى سفير في لجنة «الميكانيزم» المكلفة الإشراف على وقف الأعمال العدائية في محاولة لتحويل وقف النار الهش إلى مسار أكثر استدامة. إلا أن هذه الجهود لم تمنع استمرار الخروقات والتصعيد الإسرائيلي المحدود، ما أبقى الجنوب والبقاع في دائرة الاستنزاف الأمني وجعل الوضع مفتوحًا على احتمالات متعددة وسط جهود دولية وعربية لتجنب الانجرار إلى حرب لا يملك لبنان مقومات تحمّلها سياسيًا واقتصاديًا.

وتبرز في هذا الإطار الرسائل الأميركية التي تتبلغها السلطات اللبنانية حول مساعيها لايجاد مخارج تحول دون تنفيذ تل أبيب تهديداتها بتوسيع الحرب إلى جانب الجهود المصرية التي قام بها قبل يومين رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، فيما يبقى التعويل على اللقاء الذي سيجمع في 29 كانون الأول الحالي كلاً من الرئيس الأميركي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، والذي على نتائجه يمكن استكشاف مآل الأوضاع في لبنان والمنطقة.

وفي الانتظار زادت إسرائيل مستوى تمثيلها في المفاوضات من خلال لجنة «الميكانيزم» في الناقورة والتي باتت تشهد تنسيقاً أوسع من قبل الجيش اللبناني الذي بادر إلى الاستجابة لطلب اللجنة بتفتيش بعض المنازل والتنقيب عن أنفاق تابعة «حزب الله». ومن شأن استجابة الجيش اللبناني لمثل هذه الطلبات على الرغم من التحفظات من قبل بعض الأهالي وفريق الثنائي الشيعي، أن يُبعد شبح الغارات الإسرائيلية عن هذه المنازل كما حصل في عدد من القرى والبلدات قبل أن يتخذ الجيش القرار بتفتيشها أو قبل أن يبادر سكان المباني بالطلب من الجيش تفتيش منازلهم تفادياً لتعريضها للدمار بحجة وجود أسلحة فيها أو أنفاق تحتها.

وتأتي خطوات الجيش هذه لتفتح أمام قائد الجيش العماد رودولف هيكل امكانية التوجه مجدداً إلى واشنطن بعد إلغاء زيارته أخيراً بسبب التشكيك في جدية تطبيق خطة حصرية السلاح إضافة إلى إستخدام عبارة «العدو الإسرائيلي» في البيانات الصادرة عن مديرية التوجيه في قيادة الجيش. وعلى الطريق إلى الولايات المتحدة كانت محطة هامة في مقر الخارجية الفرنسية في باريس ضمّت إلى قائد الجيش اللبناني الموفدة الأميركية مورغان أورتاغوس، والموفد السعودي يزيد بن فرحان، والموفد الفرنسي جان إيف لودريان، ومستشارة الرئيس الفرنسي لشمال أفريقيا والشرق الأوسط آن-كلير لوجاندر، حيث تم البحث في التقدم المحرَز في عملية نزع سلاح «حزب الله» وفي احتياجات الجيش بحسب ما أورد المتحدث بإسم الخارجية الفرنسية الذي أشار إلى «وجود إجماع على توثيق هذا التقدم في شكل جدي، والعمل في إطار آلية مراقبة وقف إطلاق النار»، وهذا ما يفسّر الجولات الميدانية العلنية التي نظمتها قيادة الجيش للإعلاميين أولاً ثم للسفراء في منطقة جنوب نهر الليطاني لتوثيق عدد المهام العسكرية وحجم الأسلحة والصواريخ المصادرة وعدد الأنفاق التي تمت معالجتها.

وبناء على تلك الوقائع، سينعقد المؤتمر الدولي لدعم الجيش اللبناني في شباط المقبل بعد التحقق من انتهاء المرحلة الأولى من خطة الجيش لنزع السلاح جنوب الليطاني والانتقال إلى المرحلة الثانية شمال نهر الليطاني بما فيها منطقة الممتدة جنوب نهر الأولي.

كل هذه المعطيات لا ينظر إليها «حزب الله» بعين الرضى، وهو يرى في حركة الموفدين العرب والدوليين زيادة في الضغوط وتركيزاً على هدف وحيد هو سلاح «المقاومة» أكان تحت شعار حصريته بيد الدولة أو تحت شعار إحتوائه وتعطيل دوره، بدلاً من أن يكون الهدف وقف الانتهاكات والاعتداءات الإسرائيلية على لبنان. ولا يعوّل الحزب كثيراً على اجتماعات «الميكانيزم» بعد اعتباره تكليف مدني بترؤس الوفد اللبناني المفاوض «سقطة» وتنازلاً جديداً يُضاف إلى «خطيئة» قرارات الحكومة حول حصرية السلاح المتخذة في جلستي 5 و7 آب الماضي.

وبدا أن «حزب الله» لا يرى حرباً في الأفق رغم التهويل الإسرائيلي، ففي تقديره أن الحرب التي تهدد بها تل أبيب غير مضمونة النتائج ولن تؤدي إلى نزع سلاحه، ولن تستطيع الضغوط الوصول إلى ما لم يستطع الإسرائيلي الوصول إليه في الحرب، مصراً على أن اتفاق 27 تشرين الثاني يتعلق حصراً بالسلاح جنوب منطقة الليطاني.

في المقابل، فإن خصوم «الحزب» يؤكدون أن لا شيء اسمه سلاح جنوب الليطاني أو سلاح شمال الليطاني. فسلطة الدولة يجب أن تمتد على كامل الأراضي اللبنانية، والسلاح غير الشرعي ممنوع على امتداد الجغرافيا اللبنانية بلا استثناء. أما التلطي وراء شعار «المقاومة» فلم يعد ينطلي على أحد لأن «الحزب» لم يجرؤ على الرد ولو لمرة واحدة منذ أكثر من سنة، ولأن هذه «المقاومة» جرّت الويلات على البلد وبات احتفاظها بسلاحها شمال الليطاني للاستعمال الداخلي ولترهيب المعارضين ليس إلا.
في المحصلة، يمكن القول إن نهاية 2025 تعكس مرحلة غير محسومة: دولة تحاول استعادة دورها الأمني والسيادي، حزب يرفض التخلي عن أوراق قوته، ومجتمع عربي دولي يسعى إلى تخفيف التصعيد كأولوية، وبين كل هذه العوامل، يبقى لبنان معلقًا بين خيار بناء الدولة، وخطر الانزلاق مجددًا إلى منطق المواجهة المفتوحة.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى

السابق مندوب لبنان في مجلس الأمن: لتفادي الفراغ الأمني في الجنوب
التالى جعجع: خلاصنا آت