الطبقة السياسية تعيش حالة إنكار مثيرة للعجب.. والتخدير لا يمنع الإنهيار

الطبقة السياسية تعيش حالة إنكار مثيرة للعجب.. والتخدير لا يمنع الإنهيار
الطبقة السياسية تعيش حالة إنكار مثيرة للعجب.. والتخدير لا يمنع الإنهيار

تحت عنوان التخدير لا يمنع الإنهيار، كتب نبيل هيثم في "الجمهورية": أسئلة لم تلقَ أجوبةً واضحةً بعد من القيّمين على شؤون البلاد والعباد: ما هي حقيقة الأزمة الاقتصادية والمالية؟ هل هي مجرّد ضغوط؟ هل هي أزمة عابرة؟ هل هي أزمة حادّة ومستعصية؟ وهل هي أزمة مستدامة وضعت البلد على طريق الانهيار؟

الناس يعرفون الإجابات، ولمسوها بوجهها الصارخ، ولكن في المقابل ثمّة حالة إنكار مثيرة للعجب تعيشها الطبقة السياسية في لبنان؛ هو إنكار لخطورة الوضع برمّته، تارة بوضعه في خانة "التصويب على العهد"، وهي الكلمة السحرية التي تُستخدم كشكل من أشكال الهروب إلى الأمام في مواجهة إخفاقات، وتارة بالرهان على مؤتمر "سيدر"، لتأمين بضعة مليارات لإنقاذ مشروع سياسي – اقتصادي أوصل لبنان إلى ما هو عليه اليوم.

التخدير بإجراءات شكلية لا يمنع الانهيار، وكلّ التطمينات بأنّ "البلد لن يغرق"، وكلّ الوعيد بملاحقة من يروّجون لسيناريو الانهيار، لا يُطعم خبزاً. فهل يحتاج المرء إلى أكثر من النزول بضع دقائقَ إلى الشارع، أو الذهاب لإجراء معاملة حكومية أو مصرفية، لكي يكتشف وميض الجمر تحت رماد الوعود الكاذبة؟

ما حدث الأحد الماضي، في وسط بيروت وبعض المناطق اللبنانية، ليس سوى «بروفة» أولية للفوضى الآتية، ما لم تتحمل الطبقة السياسية مسؤولياتها كاملة، بقرارات جريئة، لا تقع، كالعادة، على عاتق المواطنين.

أحداث الأحد، وبعيداً عن مهاترات حرّاس الحكومة، والمطبّلين لانجازات وهمية بشعارات بالية ومهترئة، والساهرين على راحة المتحكّمين الغارقين في سبات عميق، وبعيداً أيضاً عن «حاشية البلاط»، ونظريات المؤامرة التي تحرّك هذه الحاشية فتجعل صرخة المواطن «تصويباً على العهد»، هذه الأحداث اختزلت ما يجري في البلد ضمن مساحة شارع في بيروت.

من نزلوا إلى الشارع، جلّهم من الطبقة التي ضغطت على أنفاسهم الطبقة الحاكمة، وما زالت، بانحيازها إلى نفسها وإلى من هم فوق، فأغرقتهم في وحول الأزمة.

ثمّة تنظيرات عديدة برزت خلال العقود الماضية، تفيد بأنّ الحرب الاهلية لم تكن لتحدث لو أنّ الطبقة الحاكمة نجحت في رأب الصدع في علاقاتها الاقتصادية التي ازدادت تناقضاً، وحماية مصالحها ضمن حدٍّ أدنى من التفاهمات.

بهذا المعنى، من ينطلق من فكرة أنّ الاقتصاد هو المحرك للسياسة، وهي فكرة تنطوي على الكثير من الواقعية، فإنّ الانهيار الاقتصادي هو الذي سيقود إلى "خراب البصرة".

ومع ذلك، لا يمكن التسليم حكماً بالتوقعات السوداوية التي تزعم أنّ اللبنانيين سيستيقظون صباحاً ليجدوا أنّ اقتصادهم قد انهار كجبل ثلج، فيتهافتون إلى المصارف أو الى ماكينات السحب، في مشهد ينذر بفوضى لا حدود لها.

في الواقع، وعلى ما يُستنتج من آراء الخبراء، ثمّة ما يمكن البناء عليه لنقض هذا السيناريو، منها أنّ لبنان، وعلى الرغم من التصنيفات الائتمانية السلبية، ما زال قادراً على تسديد ديونه، و"مصرف لبنان" ما زال لديه احتياط مالي كبير بالدولار، برغم ما شهدته السنوات الماضية من تراجع، علاوة على احتياط الذهب، الذي سيشكل الجبهة الدفاعية الأخيرة قبل الانهيار، علاوة على أنّ القطاع المصرفي ما زال فاعلاً، برغم الهزات التي واجهها، خلال الفترة الماضية، وآخرها العقوبات الأميركية على مصرف جمّال.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى