هذا مصير مطلقي الشائعات... وماذا عن حرية الرأي؟

هذا مصير مطلقي الشائعات... وماذا عن حرية الرأي؟
هذا مصير مطلقي الشائعات... وماذا عن حرية الرأي؟
لم يكن من هم في سدّة المسؤولية في حاجة إلى التذكير بالقوانين السارية المفعول بالنسبة إلى ما ينتظر كل من يروج الشائعات حول وضع الليرة اللبنانية. فالقانون، أيًا تكن طبيعته، هو قانون يطاول الجميع من دون إستثناء، إذ لا خيمة فوق رأس أي مخالف، وأن جميع المواطنين هم تحت هذا القانون.

فبدلًا من التذكير بنص المادة 209 من قانون العقوبات التي تحدد ماهية النشر، والمادتين 319 و320 من القانون نفسه، والتي تحدد العقوبات التي تنزل بمرتكبي جرائم النيل من مكانة الدولة المالية، كان لزامًا تطبيق القوانين بحزم وشفافية وعدالة، فينتظم العمل وفق آليات معروفة، ويُحاسب المخالف، وتبقى بالتالي حرية التعبير مصانة، لأن ما بين الشائعات وهذه الحرية، التي يكفلها الدستور، خيطًا رفيعًا.

المهم أن سعر صرف الدولار مقابل الليرة اللبنانية عاد الى سابق نسبته، فبات ضمن المعدلات الطبيعية بعد ساعات من التعميم الذي أصدره حاكم مصرف لبنان رياض سلامة، الذي لطالما لعب الدور الابرز في الحفاظ على استقرار النقد في لبنان، ولكن هذه المرة لن يمرّ ما حصل مرور الكرام في قصر بعبدا، خصوصا أن تهديد الاستقرار النقدي يفوق بخطورته أي تهديد آخر، لأنه يزلزل أسس المجتمع اللبناني ككل لا فريق سياسي بعينه.

فالتعميم الرئاسي لم يكتفِ بتحديد المواد القانونية والعقوبات التي يمكن إنزالها بحق مرتكبي جرائم النَّيل من مكانة الدولة المالية، بل يؤشر بوضوح إلى ملاحقات قضائية ستشمل كل مَن روّج ويروج لانهيار الليرة اللبنانية، وأوحى ويوحي بوجود أزمة سيولة، فالدولة لن تسكت عن كمية الشائعات التي جرى ضخّها وتحدثت عن إفلاس مصارف، ووقف استقبال ودائع و"التبشير" بقرب انهيار العملة الوطنية، وهي توعدت بأن الملاحقات ستطال كلَّ من استهدف الاستقرار المالي في البلاد.

ووفق المعلومات المتداولة فإن رئيس الجمهورية عمل خلال اليومين الماضيين على مسارين منفصلين، الاول مسار حلّ الازمة، وهو ما بدأ المواطنون يشعرون بنتائجه منذ مطلع الأسبوع الحالي، والثاني وهو الاهم ملاحقة مسببات الازمة. 

في المسار الثاني، وكما يُنقل عن مصادر القصر الجمهوري، فإن بحوزة الرئيس عون معلومات مهمة جدًا حول المتورطين بأزمة تهديد الليرة، منهم من يعمل بناء لتصور وخطة، ومنهم من سيطر عليه الجشع ومحاولة تحقيق الكسب المالي السريع، فساهم بازدياد الوضع سوءًا، على أن التعاطي مع كل منهما سيكون بحسب حجم الخطأ ولكن من دون تسرّع.

ولا يغيب عن بال رئيس الجمهورية حجم التدخل الخارجي بالازمة الاخيرة، لأن
الهجمة على الاقتصاد ليست هجمة اقتصادية بحتة، وإنما سياسية، اذ بات الضغط كبيرًا جدًا على العهد وشراكته مع "حزب الله" وتيار"المستقبل"، لذلك يحاول الموفدون الدوليون تارة فكّ ارتباط "التيار الوطني الحر" مع "حزب الله" عبر التهديد بفرض عقوبات مالية على قياديين ونواب ووزراء في التيار، وتارة اخرى إنهاء التسوية الرئاسية بين تيار"المستقبل" و"التيار الوطني الحر" عبر اختلاق أزمات، مرة تكون حول الصلاحيات، ومرة حول التعيينات، ومرة حول التحالفات. 

من المرجّح أن تؤدي كل تلك الإجراءات إلى لجم مطلقي الشائعات، ولكن ما يجب التنبه إليه هو عدم الخلط بين هؤلاء ومن يعبّرون عن آرائهم، ومن دون غايات، عن الواقع الإقتصادي المأزوم، وذلك بإعتراف الجميع، موالين ومعارضين، إذ لا يجوز أن يؤخذ هولاء، ومن بينهم إعلاميون، بجريرة أصحاب الغايات، المفروض أن تطبق عليهم أحكام القوانين بعدالة وشفافية، وذلك لكي يميز الرأي العام بين من يضلله وبين من يريد أكل العنب لا قتل الناطور.

 

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى