كتب طوني عيسى في "الجمهورية": بدلاً من لائحة الوعود الطويلة التي أرادتها الحكومة لخداع الناس، لو اكتفت بثلاثة بنود أو أربعة، وباشرت تنفيذها فوراً، لربما كان الناس قد صدَّقوها. فكيف خطر لأهل السلطة أنّهم قادرون على تخدير الناس مرّة أخرى بـ24 بنداً، كلها مؤجّلة التنفيذ لأسابيع أو أشهر أو سنوات... على طريقة على "الوعد يا كمون"؟
المال المنهوب في لبنان يقدِّره الخبراء بـ75 مليار دولار على الأقل. والبعض يذهب إلى تقديره بأضعاف ذلك. ويكفي أن تسترجع مالية الدولة 50% من الحدّ الأدنى المقدَّر، وتتوقف التجاوزات لتنحسر الأزمة تماماً. فمقدار 35 ملياراً أو 40 ملياراً، أو حتى 20 ملياراً، سيكون كافياً للبنان، وسيغنيه عن ديون "سيدر" وكل عمليات "الشحادة" المشروطة التي نلهث وراءها عبثاً من المحيط الهادئ إلى الخليج الهادر. ولكن، هل يعمد هذا الطاقم إلى معاقبة نفسه بنفسه ويقطع برزقه؟ وماذا عن الأموال التي سُرِقت منذ عشرٍ أو عشرين أو ثلاثين سنة؟
عندما صدر قانون "من أين لك هذا؟"، تفاءل اللبنانيون بأنّه سيكون خاتمة أحزانِ الدولة المنهوبة. لكن شيئاً لم يتغيَّر، وأصبح القانون أكبر "مسخرة" في تاريخ الجمهورية. واليوم، يراهنون على إقرار قانونٍ لاسترداد الأموال المنهوبة. ولكنهم، لم يحصدوا حتى اليوم سوى الأوهام.
في أدراج مجلس النواب اقتراحان لقانون يتعلق باسترداد الأموال المنهوبة. والحكومة التي سارعت تحت ضغط الشارع إلى إطلاق وعد بإقرار أحدهما أو باعتماد قانون مستوحى من الاقتراحين، إنما تحاول تنفيس النقمة فقط. ولن يصدِّق أحد أنّ أركان الأموال المنهوبة ستدفعهم ضمائرهم إلى تلاوة فعل الندامة...
وعلى رغم حجم الانتفاضة الشعبية، فإنّ هذا الطاقم يتهرّب من أي إصلاح ويحاول التواطؤ لاستمرار منطق الصفقات، متمتعاً بامتيازات التسوية المعقودة في العام 2016، والقائمة على مبدأ التقاسم في كل شيء.
فمشكلة الإصلاح لا تكمن في الاقتراحات والأفكار، بل في الإصرار على الفساد. ولو وُجدت الرغبة في الإصلاح والمحاسبة والشفافية، لكان كافياً قانون "الإثراء غير المشروع" أو قانون "مِن أين لك هذا"؟ أو رفع السرية المصرفية والحصانة عن العاملين في القطاع العام لتحقيق الهدف.