تجربة إبنة بيئة 'حزب الله' في 'الإنتفاضة الشعبية'

تجربة إبنة بيئة 'حزب الله' في 'الإنتفاضة الشعبية'
تجربة إبنة بيئة 'حزب الله' في 'الإنتفاضة الشعبية'

ترفض سحر غدار، الناشطة البارزة في "الإنتفاضة الشعبية" كما تحب تسميتها، البدء بحديثها إلّا بالتأكيد على أحقية المطالب المعيشية والإجتماعية التي تشكل أصل التحركات الشعبية التي شملت جميع المطالب اللبنانية، لكنها تشير إلى أن إنسحابها من الساحات، جاء بسبب طلب الأمين العام لـ"حزب الله" من جمهور المقاومة الإنسحاب، ورفضاً لمحاولة إستغلال الإعلام لحجابها ولكونها إبنة شهيد في الحزب، "لن أقبل أن يستخدم رصيد الدمّ الذي أحمله ضدّ السيد حسن نصرالله".

المقدمة التي تعتبرها غدار ضرورية لشرح موقفها وسبب إنسحابها الميداني، يتبعها تأكيد آخر بأنها لا تزال تعمل وتنشط ضمن لجان التنسيق التابع للإنتفاضة الشعبية، ولم تصبح معادية لتحركات الناس المطلبية، خصوصاً أنها مع آخرين من الناشطين الموثوقين والذين يشكلون لها ولغيرها من "بيئة المقاومة ضمانة وطنية"، فكيف يمكن ترك الناس والناشطين الذين نقلت إليهم وجهات نظر المناطق البعيدة، ومخاوفهم ومطالبهم.

وترى غدار أنه يجب عدم ترك الحراك، حتى لو لم يكن النزول إلى الساحات وسيلتي الحالية، لكن البقاء في اللجان كناشطة مقتنعة بالحراك منذ اليوم الأول هو ضمانة لعدم إنحراف الحراك إلى مكان آخر.

وتعتبر غدار أن ما حصل بعد إستقالة الحريري يصب في مصلحة السلطة بكل مكوناتها، إذ تحاول إظهار أن المستهدف هي المؤسسة الدستورية التي يرأسها سنّي، وهذا غير صحيح، المستهدف هي الحكومة بكل مكوناتها، والتي تمثل السلطة التنفيذية والتي يمكن إعتبارها بنظامنا الدستوري أضعف السلطات أمام الإرادة الشعبية، إذ من غير الممكن إسقاط مجلس النواب ممثل الشعب المفترض.

وتقول غدار أنه لو كان رئيس الحكومة شيعيا كان يجب أن يسقط فطائفته ليست مهمة في هذا الصراع بين الناس والسلطة، علماً أن إسقاط الحكومة لم يكن موقف "حزب الله" بل موقفنا نحن في الحراك وهو أمر يعارضه الحزب.

وتلفت غدار إلى أن بيئة المقاومة إنقسمت إلى جزئين أساسيين، جزء رأى في الحراك مؤامرة تقودها "القوات اللبنانية" والحزب "التقدمي الإشتراكي"، وهذا الجزء إنسحب من الحراك بشكل كامل علماً أنه شارك في الأيام الأولى، لكنه إعتبر أن المسّ بالسلاح أمر مرفوض ولا يجب التواجد في ساحة يتشاركها بعض أعداء "حزب الله"، أما الجزء الثاني فهو الذي يعطي الأولوية للقضايا الإجتماعية، ويرى أن الثنائي الشيعي هو المسؤول الأول عن تلبية هذه المطالب والحقوق لأن نواب هذا الثنائي يمثلون بيئة المقاومة لذلك إستمر هذا القسم من الناس بالنزول إلى الساحات إلى حين تحدث السيد حسن نصرالله، ليخرج جزء منهم من الساحات ويبقى آخرون ممن يعتبرون أنهم فقدوا ثقتهم بالنواب الذين إنتخبوهم قبل مدة.

لكن غدار تؤكد أن هذا الإنقسام لم يشمل سلاح المقاومة، "إذ إن هذه البيئة وعلى إختلاف آرائها تعتبر أن سلاح المقاومة موضوع أساسيا لا يمكن التفريط به".

وترى غدار أن الحراك حاول تصويب بوصلة التحركات نحو بعض المؤسسات التي تشكل أعمدة الفساد في لبنان كالمصارف ومبنى الـTva ومصرف لبنان، وهذا ما حصل في عدّة محطات، لكن الإعلام غيّب هذه التحركات، وحاول التركيز على المواقف المتطرفة في اقصى اليمين، وفي أقصى اليسار، متجاهلاً المستقلين الذين يطالبون بحقوقهم المعيشية والإجتماعية.

وتضيف غدار أن وسائل الإعلام تلقفت بسرعة محاولات بعض القوى السياسية إستغلال الحراك وفرض خطابها عليه، فقامت بتظهير هذا الخطاب بشكل كبير جداً معطية له الأولوية على الخطاب المعيشي، وهكذا لم يعد جائزاً تحميل الناس التي تشاهد وتراقب الحراك من خلف شاشات التلفزة مسؤولية موقفها المعادي من الحراك، لأن جزء أساسي من الإعلام اراد نقل هذه الصورة من دون غيرها، علماً أنها ليست صورة حقيقية.

وأكدت غدار أن ما بعد الحراك ليس كما قبله، إذ إن التغيير بدأ لدى البيئات الإجتماعية المختلفة وسيتعاظم تدريجياً، ولن تستطيع القوى السياسية الحدّ منه وهذا ما سيظهر خلال الإنتخابات النيابية المقبلة، وهذا ما يفسّر المحاولات المستمرة لإظهار الحراك كأنه حراك سياسي، وإعادة بثّ الصورة الطائفية والمذهبية وترسيخها على التحركات الإحتجاجية.

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى