وفي إعتقاد البعض أنه لو أن هذه الأحزاب، التي توالت على السلطة عشرات السنين، بطريقة أو بأخرى، كانت قادرة على الحؤول دون وصول الحالة في لبنان إلى ما وصلت إليه لكانت فعلت ولكان الوضع اليوم في أحسن أحواله. أما وأنها أثبتت فشلها في إدارة شؤون البلاد والعباد فلا يمكن بالمنطق إعادة تسليمها زمام الأمور لأن النتيجة ستكون هي نفسها، وسيكون الإنهيار تامًا على أيدي هذه الأحزاب، كبيرها وصغيرها، بإعتبار أن المسؤولية مشتركة بنسب معينة.
وربّ قائل إن الحكومة التي إستلمت إدارة البلد في زمن البحبوحة نسبيًا لم تستطع أن تقدّم لأبناء شعبها المنّ والسلوى، وهي التي أتت مرّة على حصان "إستعادة الثقة"، ومرّة أخرى على حصان "إلى العمل"، فلا أسُتعيدت الثقة المفقودة ولا كان عمل، ومن منطلق أعتقد البعض أن "بيي أقوى من بيّك"، وهو أقوى من غيره، فلم تتمكّن بالتالي من وقف مسلسل الإنحدار نحو الهاوية وبقيت الأمور على حالها، وهذا ما دفع الناس إلى النزول إلى الشارع ورفع شعار محاسبة الجميع، على رغم قساوة هذا التعميم، الذي يأخذ بطريقه الصالح والطالح.
وعلى رغم الإصرار على أن تكون الحكومة العتيدة، بعدما رمى الرئيس الحريري كرة نار التكليف والتأليف إلى ملعب بعبدا، تكنوباسيلية بإمتياز، فإن ما تشهده الساحات منذ يومين من مظاهر اقل ما يقال فيها إنها غير حضارية بل همجية، إذ تعرّض المتظاهرون سلميًا لشتى أنواع التشبيح والتهويل والتهديد، وهذا الأمر إن دلّ إلى شيء فإلى الإرباك الذي أحدثته الإنتفاضة البيضاء في صفوف أهل السلطة، التي تلجأ إلى كل الوسائل لإخماد شعلة الشارع المنتفض في وجههم، بجرأة وموضوعية وتصميم وإيمان.
فهل يمكن أن يُجنى من عوسج أهل السلطة حلٌ أو إصلاحٌ أو تغيير؟