كتب غسان ريفي في "سفير الشمال": بمجرد خروج الرئيس المكلف حسان دياب من لقائه مع رئيس الجمهورية في قصر بعبدا من دون الادلاء بأي تصريح، ساد إنطباع سلبي بأن الحكومة ما تزال تتأرجح بين الشروط والشروط المضادة، وأن الوصول الى قواسم مشتركة حولها ما يزال دونه عقبات كثيرة، في ظل محاولة الوزير جبران باسيل فرض هيمنته عليها بتسمية وزراء ورفض آخرين، وهو رغم إنكاره ذلك في مقابلته أمس مع الجديد، إلا أنه أوحى بتدخله وبفرض رأيه كونه رئيس أكبر كتلة نيابيه ويمنح الثقة للحكومة في مجلس النواب.
خروج حسان دياب خالي الوفاض من قصر بعبدا أمس، فتح المجال أمام سلسلة تساؤلات حول: هل العقدة هي في تمسك الرئيس المكلف بمواقفه لجهة تسمية إختصاصيين ومستقلين؟، أم أن العقدة هي في الفيتو الذي يضعه باسيل على بعض الوزراء الذين يجد فيهم منافسين له في رئاسة الجمهورية؟، أم أن الأمر تعدى الشكل والمضمون باتجاه خطوات جديدة تتماشى مع التطورات الاقليمية المستجدة وإمكانية دخول المنطقة في حرب يكون لها إنعكاساتها على لبنان؟.
ثمة معلومات متداولة حول نقاش واسع عاد ليدور بين الأوساط السياسية المعنية بشأن الحكومة، حيث يوجد رأيان في هذا الاطار: الأول يرى أن الحكومة المقبلة من المفترض أن تكون من قماشة سياسية معينة، تجعلها قادرة على مواجهة الأزمات التي ترخي بثقلها على البلاد، والتعاطي مع تداعيات التطورات الاقليمية التي فرضتها عملية إغتيال قاسم سليماني، وأن تستطيع إتخاذ القرارات المصيرية من دون الرجوع الى مرجعيات سياسية.
والرأي الثاني يشدد على ضرورة المضي بتشكيل حكومة تكنوقراط وفق المنطق الذي يراه ويعمل عليه الرئيس المكلف الذي من المفترض أن يصار الى تسهيل مهمته لكي تبصر الحكومة النور وتباشر عملها ليكون لبنان قادرا على مواجهة كل التحديات.
لا شك في أن التدخلات السياسية الفاقعة في عملية التأليف، بدأت تُحرج حسان دياب الذي يجد نفسه غير قادر على الالتزام بما أعلنه خلال الاستشارات النيابية غير الملزمة، ولا يستطيع فرض الأسماء التي يريدها في وزارات محددة، حيث تشير المعلومات الى أنه أخفق في تثبيت دميانوس قطار في وزارة الخارجية ورضي بنقله الى وزارة الاقتصاد لتكون الخارجية في عهدة التيار الوطني الحر، فضلا عن إخفاقه في فرض من يراه مناسبا لوزارة الداخلية، ما سيجعل الحكومة في حال إستمرت الأمور على هذا المنوال، عبارة عن تلوينة سياسية من الدرجة الثالثة أو الرابعة، ما سيحجب عنها ثقة الشارع اللبناني الذي لن يتوانى عن إسقاطها.
بالتزامن ترى مصادر سياسية متابعة أن "المطلوب هو حكومة تستطيع أن تقنع المانحين الأجانب، وأن ترضي الدول العربية، وأن تكون ذات طابع إقتصادي تستطيع تأمين كتلة نقدية وازنة لحل الأزمة الراهنة في المصارف وفي الأسواق اللبنانية".
وتشير هذه المصادر الى أن الاتجاه الى تشكيل حكومة سياسية من شأنه أن يطيح بالرئيس المكلف لمصلحة مرجعية سياسية سنية، في حين أن حكومة إقتصادية تنال رضى الدول المانحة عربيا وغريبا تحتاج الى رئيس على علاقة جيدة بها وغير محسوب على قوى 8 آذار، أما حكومة التكنوقراط برئاسة حسان دياب فإن حظها بالنجاح في ظل الظروف الراهنة ضئيل، ولعل ما أعلنه جبران باسيل في مقابلته أمس عن خشيته من فشل حكومة من هذا النوع، يؤكد أن حكومة دياب تتأرجح وقد تصبح في مهب الريح..