أخبار عاجلة

لبنان بين مأزومَين!

لبنان بين مأزومَين!
لبنان بين مأزومَين!

تحت عنوان لبنان بين مأزومَين!، كتب نبيل هيثم في "الجمهورية": يُخطئ من يعتقد انّ أزمة البلد، تُحلّ بكبسة زر. فحتى ولو تقرّرت المعالجة بجدّية وصدق، وانطلقت خطواتها الاولى اعتباراً من اليوم، فبلوغ الهدف، سيتطلّب سنوات وسنوات، لاستئصال الأورام الخبيثة المنتشرة في كل تفاصيل البلد، وليس فقط في الشأنين الاقتصادي والمالي.

تلك حقيقة، يؤكّد عليها خبراء الاقتصاد والمال، لا يستطيع احدٌ إنكارها أو تجاهلها، ولا يختلف اثنان على أنّ ازمة لبنان أخذت مسارها نزولاً، وإن استمرت على هذا المنوال، لن يطول الوقت حتى يصل الى النهاية الحتمية والانهيار الكامل.

حتى الآن، لا توجد خريطة طريق واضحة، أو مسودة مشروع إنقاذي تلتقي حولها مختلف المكونات الداخلية والسياسية والمدنية، وتتشارك فيها لحرف البلد عن السير في الاتجاه الانهياري، وتحدّد المسار في الاتجاه العكسي، وبالتالي إلزام العقل السياسي الحاكم او المتحكّم بالبلد منذ سنوات، بأن يشتغل - ولو بصورة استثنائية ولمرة واحدة، لمصلحة بلد ينهار، وليس لخدمة كرسيّه، ونفوذه، وهيمنته، وحاشيته - للبحث عن علاجات جديّة وجذريّة مطلوبة من الداخل والخارج، بعيداً من طريقته المعهودة في إدارة دفّة الدولة خلال السنوات الماضية، عبر دفن رأسه في رمال الأزمة المتحرّكة، وتغطية فشله، إمّا بشعارات ملائكية يتنصّل من خلالها من المسؤولية ويلقيها على الآخرين - هذه السياسة ما زالت قائمة حتى الآن - وإمّا بتقديم نفسه طبيباً يدّعي الخبرة، فإذا به يظهر على حقيقته، كطبيب فاشل، يداوي المرض الخبيث بحبتي "بانادول"؟!

امام هذ الصورة، تقف السلطة الحاكمة والحراك الشعبي وجهاً لوجه. وتقتضي الموضوعية الاشارة الى انّ هذه السلطة مدانة من قِبل الشريحة الواسعة من اللبنانيين، ومحل انتقاد على مساحة المجتمع الدولي، ولا خلاف على الاطلاق على أنّ الحراك الشعبي منذ 17 تشرين الأول الماضي قد أشعل شرارة الأمل بإحداث تغيير، والانتقال نحو بناء بلد جديد على اسس نظيفة من الموبقات والارتكابات التي تسببت بالأزمة وعمّقتها على ما هي عليه اليوم.

ولكن؟

السلطة محشورة في زاوية ادائها، وموجوعة من ضغط الشارع عليها؛ خرج منها شركاء اساسيون في هذا الأداء، وفضّوا الشراكة، ونفضوا ايديهم من ارتكاباتهم، وتحايلوا على وجع الناس وقدّموا انفسهم ملائكة بأجنحة اصلاحية، وامّا من بقوا فذهبوا مكرَهين نحو التفتيش عن خلاص يحفظ ماء وجههم بالدرجة الأولى، وبالتالي إنقاذ انفسهم، وعلى هذا الاساس انصبّ جهدهم لاستيلاد سلطة احتوائية للأزمة، حتى وصلوا بشق النفس الى حكومة حسان دياب التي بدأت في مجالس بعض مولّديها، تتعرّض لتشكيك بنجاحها، اكثر حدّة مما يُقال في مجالس خصومها وعلى منابرهم. 

امّا الحراك، الذي انطلق بزخم شعبي كبير في تشرين، فيبدو انّ مستوى الحرج لديه، اكبر مما هو لدى السلطة. فالحراك امامه خصم ببنية واحدة، هو سلطة مرتكبة بكل مستوياتها، واما هو، فتبيّن أنّه حراك متعدّد الألوان والأشكال، اختلط فيه المطلبي، بالسياسي، بالحزبي، بالطائفي، بالمذهبي، ما جعل صاحب الصوت الصادق في هذا الحراك، ينكفئ الى الخلف، لتتصدّر الصورة فئات اخرى من "الحراكيِّين" المستَقدَمين بالأجرة، وقَدِم بعضهم، بمشاهد الفوضى والتخريب التي "عرضوها" في منطقة الحمراء ووسط بيروت، شهادة لا لبس فيها بأنّهم فئة "منظّمة" وخبيرة في هذا المجال؟!

هذه الحقيقة لا ينكرها الصادقون انفسهم، بل يرفضونها، لانّ نتيجتها الفورية لم تكن إخضاع السلطة، بقدر ما ادّت هذه الصور الفوضوية والتخريبية بأبعادها السياسية والمذهبية، الى تشويه الهدف الذي نشده الصادقون من اللحظة الأولى لحراكهم، وبالتالي تصعيب مهمتهم اكثر بعدما كانوا قد تمكّنوا بداية الحراك، من تخويف الطبقة الحاكمة من أنّ سيف المحاسبة اقترب من رقاب المرتكبين!

اشترك فى النشرة البريدية لتحصل على اهم الاخبار بمجرد نشرها

تابعنا على مواقع التواصل الاجتماعى