أمّا الاتجاه الثاني، ففرضه التطور الاقليمي الذي تجلى في الاعلان الاميركي عن تفاصيل "صفقة القرن"، حيث سيحضر لبنان في اجتماع الجامعة العربية الذي سيعقد على مستوى وزراء الخارجية في القاهرة اليوم، ببندٍ وحيد يتمحور حول الصفقة ومفاعيلها وتداعياتها على المستوى الفلسطيني وكذلك على الدول المحيطة بفلسطين ومن ضمنها لبنان، المُهدّد عبر هذه الصفقة بفرض توطين الفلسطينيين على أرضه.
لعلّها أكثر المرّات التي يصل فيها لبنان إلى منعطف شديد الخطورة، يضع مصيره أمام احتمالات شديدة الصعوبة، مثلما بَلغه حاله اليوم. سواء من الداخل الضاغط عليه بأزمة اقتصادية ومالية يشتدّ خناقها يوماً بعد يوم، ويبدو العثور على مخارج وعلاجات سريعة لها ضرباً من المستحيل، او من الخارج وما استجدّ مع ما تسمّى "صفقة القرن"، التي تُنذر بأن تهبّ على لبنان عاصفة التوطين، وما قد تستتبعه من توترات وإرباكات، وتهديد للبنيان اللبناني.
واذا كانت هذه الصفقة تُقَدَّم من قبل ادارة دونالد ترامب، ومعها اسرائيل، بوصفها أمراً واقعاً مفروضاً على كل المنطقة، فإنّ قدر اللبناني، وكما تؤكّد المستويات السياسية والرسمية والشعبية، أن يسخّر ما يتيسّر له من قدرات ذاتية لردّ هذه العاصفة عنه. وبقدر ما انّ الإجماع الداخلي محصّن للموقف اللبناني الرافض لتوطين الفلسطينيين في لبنان، والمؤكد على تثبيت حق عودتهم الى ديارهم، فإنّ هذا التحصين يتلاقى مع إجماع عربي حيال هذه المسألة".