تقرع الحرب طبولها عند محافظة ادلب إيذانا بإقتراب موعد العملية العسكرية الواسعة، قرقعة دبابات جيش النظام والتعزيزات التي استقدمها باتت تتمركز في ريف حماة يرافقها غطاء جوي لسلاح الطيران الروسي، ما يطرح التساؤلات إذا كانت إدلب خاتمة المعارك العسكرية قبل الشروع بطرح الحل السياسي في سوريا أم أنها الباب الذي سيكرّس تقسيم البلاد من خلال تكريس سيطرة روسيا وتركيا والاطراف الأخرى وفق مصطلح المناطق الآمنة؟
يترافق ذلك مع موقف لافت لرئيس الهيئة العليا للمفاوضات نصر الحريري من العاصمة السعودية يتعلق بوصول الحرب السورية الى خواتيمها والشروع بالحل السياسي مع اقتراب تشكيل اللجنة الدستورية، والايجابية التي طبعت كلام الحريري وصلت للدور الروسي حيث اعتبر بأن الانفتاح على الجانب الروسي قد يفتح باب الحل في سوريا ويساهم في عودة السلام والاستقرار.
المعطيات الميدانية تشير الى قرار متخذ لتصفية وجود "هيئة تحرير الشام" في محافظة ادلب بصفتها من إفرازات "جبهة النصرة" توأم تنظيم "داعش" وينبغي إقتلاع إمارتها من ادلب، وعليه بدأت حشود النظام التمهيد للحملة الواسعة في عمليات قصف بري قبيل الهجوم الواسع، في وقت تبرز مخاوف عن الكلفة البشرية من ضحايا وجرحى في ظل لجوء المجموعات المسلحة للاحتماء بنحو 4 ملايين نسمة في المحافظة المذكورة ليس لديهم القدرة على النزوح نحو مناطق آمنة .
حملة ادلب العسكرية ترافقها أجواء اقليمية مشحونة في ظل القرار الاميركي المدعوم خليجياً بخنق ايران اقتصادياً وتصفية نفوذها في ارجاء العالم العربي، وتشكّل سوريا نموذجاً فاقعاً من التغلغل الايراني في البنية الأساسية للدولة بالاضافة الى سيطرة ميلشيات شيعية على مناطق استراتيجية تسعى واشنطن الى طردها تحديداً في الشريط الحدودي مع العراق، وتشير تقارير أمنية عن معركة ستخوضها فصائل من الجيش السوري في مناطق البوكمال في سبيل سدّ المنافذ مع العراق وقطع الامدادات عن الميليشيات الشيعية .
الجانب الاساسي والحاسم في معركة ادلب المتمثل بكيفية تعامل الطرف التركي لا يزال يكتنفه الغموض، رغم تصريحات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان العلنية المتعلقة بوضع وحدات جيشه على أهبة الاستعداد والقضاء على المجموعات الارهابية في ادلب والمرتطبة بطرد حزبي العمال والاتحاد الكرديين كونها تصنفهما "منظمات ارهابية". اصرار تركيا على منطقة نفوذ في الشمال السوري قد يؤدي وفق بعض الخبراء الى منطق استيلاء بعض الدول على اجزاء من سوريا بحكم المناطق الآمنة ليصبح التقسيم واقعا ولو بطريقة غير معلنة .
في هذا السياق، لفتت مصادر متابعة لـ "لبنان 24" إلى أن الغموض التركي مرده للمفاوضات التي تجريها انقرة مع اميركا والتي يشرف عليها موفدها جيمس جيفري حيث تشير المعلومات الى ابرام سلسلة تفاهمات حيال الوضع في الشمال السوري كما شرق نهر الفرات ستترافق مع اغلاق ملف المجموعات المتطرفة والمقاتلين الاجانب بشكل نهائي في سوريا.
